شِـعْــرُ الغـَــــزَلْ : العذري من إعداد : أنس ( المازوني,ربيل), المهدي بلفقيه, عبد الرحمان الخطاب
الغزل العذري : الغزل العذري هو من الفنون الشعرية التي تنمو فيها حرارة العواطف الطاهرة العفيفة التي يستخدمها الشاعر لإبراز مكابد العشق، وآلام الفراق والبعد عن الحبيبة. وهذا الغزل يبتعد عن وصف المحاسن الجسدية لدى المحبوبة، بل يقتصر على إظهار المشاعر الجيّاشة اتجاهها. وقد كان قيس بن الملوّح أشهر شعراء الغزل العذري.
سبب التسمية : سُمّي الغزل العذري نسبة لقبيلة عذره، لما اشتهرت به من رقة الإحساس وكثره العشاق الصادقين في حبهم - الذين كانوا يموتون حبا! وأصبح الغزل العذري اصطلاحا على كل شعر يصف عاطفة الحب في خصائصه.
خصائص الغزل العذري : العفَة, وذلك بتأثير الإسلام. لا يتعرّض هذا الحب للملل أو القسوة, ولذلك فهو يتصف بالديمومة. يُلاحظ على شعراء هذا اللون من الغزل تكريس إخلاصهم لفتاة واحدة, حتى شاع اسمها واشتهر, ونُسب الشاعر إليها, فقيل مجنون ليلى, وكُثير عزّة, وجميل بثينة العذاب الشديد في سبيل المحبوب الذي قد يؤدّي إلى الهيام, أو الجنون أو الموت العفَة, وذلك بتأثير الإسلام. لا يتعرّض هذا الحب للملل أو القسوة, ولذلك فهو يتصف بالديمومة. يُلاحظ على شعراء هذا اللون من الغزل تكريس إخلاصهم لفتاة واحدة, حتى شاع اسمها واشتهر, ونُسب الشاعر إليها, فقيل مجنون ليلى, وكُثير عزّة, وجميل بثينة العذاب الشديد في سبيل المحبوب الذي قد يؤدّي إلى الهيام, أو الجنون أو الموت
تاريخ الغزل العذري : إن الغزل العذري ينسب إلى بني عذرة الذين اشتهروا بهذا النوع من الغزل. ثم انتشر وشاع عند القبائل، ومنهم بنو عامر الذي نشأ في كنفهم قيس بن الملوح. لكن ترجع بدايات هذا الغزل إلى العصر الجاهلي الذي انتشر في نهاياته، حيث كان الغنى والترف يعمّ بعض القبائل. أمّا مع ظهور العصر الإسلامي، فقد قلّ هذا الغزل مع دخول الناس في الدين وتغلغل التقوى في نفوسهم. ولكن الغزل العذري قد بلغ ذروته في العصر الأموي عندما نشأت حياة اللهو والثّراء والرّفاهيّة.
الغزل فى العصر الجاهلي
الغزل فى العصر الجاهلي : أجمع الباحثون على أن الغزل في العصر الجاهلي,قد احتل الجزء الأكبر من تراثنا الأدبي,لأنهم لم يجدوا قصيدة, في أي غرض من الأغراض, إلا وفيها اتصال بالغزل,إن لم تكن مقتصرة عليه. لذلك نرى شكري فيصل يقول في كتابه "تطور الغزل بين الجاهلية والإسلام" : ’ إن الثروة الشعرية كالقطعة الذهبية ذات الوجهين :نقش الجاهليون على صفحتها الأولى عواطفهم التي ابتعثها فيهم الحب, وما يؤدي إليه هذا الحب من وصل أو هجر,ومن سعادة أو شقاء,ومن لذة أو غصة,وصوروا هذه العواطف,وأفنوا في تصويرها ملكاتهم ومواهبهم..أما الصفحة الأخرى,فقد جمعوا عليها أغراضهم الأخرى,ونثروا في أطرافهم كل الفنون والأغراض الثانية,كائنة ما كانت هذه الفنون والأغراض ‘.
الغزل فى العصر الجاهلي : وإذا رأينا بعض الشعراء يستهلون قصائدهم بالخمرة, فإنهم لا يلبثون أن يعودوا إلى الغزل ليبثوا المرأة مشاعرهم, وما يعانونه من عذاب الهجر, وألم الفراق, بكل صدق وأمانة,وهذا ما حمل شكري فيصل على القول : ’إن الأغراض الأخرى التي عرض لها الشعراء الجاهليون لم تكن,في كثير من الأحيان, مقصودا إليها قصدا,ولا متعمدة تعمدا. كانت روح الحب,وعواطف الهوى هي التي تبتعثها,وهي التي تكمن وراءها‘. ونتيجة لما تقدم, يمكننا تصنيف الغزل الجاهلي في اتجاهين متناقضين, أولهما الاتجاه الحسي الفاحش او الغزل الصريح,وزعيمه امرؤ القيس,صاحب المغامرات الليلية..,وثانيهما الاتجاه الحسي العفيف او الغزل العفيف الذي اشتهر في العصر الأموي,وكانت نواته في الجاهلية.وكثيرون هم زعماء هذا الاتجاه,وقد اقترنت أسماؤهم بأسماء محبوباتهم,مثل المرقش الأكبر وأسماء,والمرقش الأصغر وفاطمة,وعروة بن حزام وعفراء,وعنترة بن شداد وعبلة...
الغزل فى العصر الجاهلي : ومهما يكن من أمر,فإن أهم ما ينطوي عليه الغزل الجاهلي هو تكرار المعاني,وصدق العاطفة وإنسانيتها.فإن الشاعر عندما يذكر حبيبته,ويبثها عواطفه,نشعر وكأن شعره تعبير عن عواطفنا,رغم بعد المسافة الزمنية بيننا وبينه,وذلك لما تحوي خلجات قلبه من شحنات عاطفية لا تعبر عن فرد أو جماعة في بيئة معينة,وإنما تعبر عن قاسم مشترك لعواطف الناس أجمعين,وإن تكلم الشاعر عن أمكنة معينة,ومحددة بأسمائها ونباتها وحيوانها.أضف إلى ذلك المعاني البسيطة المأخوذة من الواقع الحسي القريب,وما خبره الشاعر في حياته الاجتماعية, مصوغة بأسلوب جزل قوي وموجز.
الغزل فى العصر الجاهلي : بعض الشعراء الذين أبدعوا فى الغزل فى هذا العصر: امرؤ القيس :هو حندج بن حجر (نحو ق.هـ نحو م) من أشهر شعراء العرب، كان أبوه ملك أسد وغطفان، وأمه أخت المهلهل (الزير) الشاعر البطل المشهور. اشتهر بلقبه "امرؤالقيس"، وبـ"الملك الظليل" لاضطراب أمره طوال حياته، وبـ"ذي القروح" لما أصابه في مرض موته. كان محبًا للهو واللعب، مولعًا بمغازلة النساء ومفاكهتهن. ومن جميل شعره في الغزل نقتطف الأبيات التالية: (قصيدة تعلّق قلبي) تَـعَـلَّـقَ قَلبِـي طَفلَـةً عَـرَبِـيَّـةً تَنَعـمُ فِي الدِّيبَـاجِ والحُلِـيِّ والحُـلَل لَهَـا مُقلَـةٌ لَـو أَنَّهَـا نَظَـرَت بِهَـا إِلـى رَاهِبٍ قَـد صَـامَ للهِ وابتَهَـلْ لأصبَـحَ مَفتُونـاً مُعَـنًّـى بِحُـبِّـهَ كَأَن لَمْ يَصُـمْ للهِ يَومـاً ولَمْ يُصَـلْ فَتِلكَ الَّتي هَامَ الفُؤَادُ بحُبِّهَا مُهفهَفَةٌ بَيضَاءُ دُرِّيَّة القُبَل لولى وَلَها في النَّاسِ قَولٌ وسُمعَةٌ ولى وَلَهَا في كلِّ نَاحِيَةٍ مَثَل كأَنَّ عَلى أَسنَانِها بَعدَ هَجعَةٍَ سَفَرجلَ أَو تُفَّاحَ في القَندِ والعَسَل
الغزل فى العصر الجاهلي : بعض الشعراء الذين أبدعوا فى الغزل فى هذا العصر: ياطائر البان، قد هيجت أشجاني وزدتني طربا يا طائر البان إن كنت تندب، إلفا قد فجعت به فقد شجاك الذي بالبين أشجاني زدني من النوح، واسعدني على حزني حتى ترى عجبا من فيض أجفاني وقف لتنظر ما بي، لا تكن بي عجلا واحذر لنفسك من أنفاس نيراني وطر، لعلك في أرض الحجاز ترى ركبا على عالج أو دون نعمان يسري بجارية تنهل أدمعها شوقا إلى وطن ناء، وجيران ياطائر البان، قد هيجت أشجاني وزدتني طربا يا طائر البان إن كنت تندب، إلفا قد فجعت به فقد شجاك الذي بالبين أشجاني زدني من النوح، واسعدني على حزني حتى ترى عجبا من فيض أجفاني وقف لتنظر ما بي، لا تكن بي عجلا واحذر لنفسك من أنفاس نيراني وطر، لعلك في أرض الحجاز ترى ركبا على عالج أو دون نعمان يسري بجارية تنهل أدمعها شوقا إلى وطن ناء، وجيران عنترة بن شداد :أحد أبطال العرب وشعرائهم المشهورين (نحو600 م/22ق.هـ).كانت أمه حبشية، فسرى إليه السواد منها. كان من أحسن العرب شيمة وأعزهم نفسًا. يوصف بالحلم على شدة بطشه. أحب عبلة ابنة عمه، ولاقى في سبيلها ضروبًا من المرارة والعذاب، بسبب لونه، وعدم تمتعه بحريته في بداية حياته، ولأسباب عائلية اجتماعية. قال في حبها قصائد غزلية خالدة. هرب والدا عبلة بابنتهما إلى بني شيبان، من وجه عنترة، فقال الشاعر:
الغزل فى العصر الأموي
الغزل فى العصر الأموي : ازدهر الغزل في هذا العصر ازدهارا لا مثيل له وذلك لأسباب منها: التسامح الديني الذي كان سائد في ذلك العصر. الهدوء والاستقرار الأمني. وقد انقسم الغزل في العصر الأموي إلى ثلاثة أنواع : ازدهر الغزل في هذا العصر ازدهارا لا مثيل له وذلك لأسباب منها: التسامح الديني الذي كان سائد في ذلك العصر. الهدوء والاستقرار الأمني. وقد انقسم الغزل في العصر الأموي إلى ثلاثة أنواع :
الغزل البدوي أو الغزل العذري: وهو ما يصدر عن عاطفة صادقة وحب عميق ، ويصور للشاعر محبوبته كأجمل النساء ، وعماد هذا اللون الصدق في العاطفة ، والعفة في القول ، والتفاني في المحبوب ، والضراعة في الحب.وسمي كذلك لان قبيلة العذرة اشتهرت به ولانه انتشر في البادية ومن رواده كثير عزة وقيس بن الملوح وذو الرمة وقيس لبنى و جميل بن معمر وكمثال على هذا بيت جميل بن المعمر: يهواك ماعشت الفؤاد فأن امت يتبع صداك صداي بين الأقبر وهو ما يصدر عن عاطفة صادقة وحب عميق ، ويصور للشاعر محبوبته كأجمل النساء ، وعماد هذا اللون الصدق في العاطفة ، والعفة في القول ، والتفاني في المحبوب ، والضراعة في الحب.وسمي كذلك لان قبيلة العذرة اشتهرت به ولانه انتشر في البادية ومن رواده كثير عزة وقيس بن الملوح وذو الرمة وقيس لبنى و جميل بن معمر وكمثال على هذا بيت جميل بن المعمر: يهواك ماعشت الفؤاد فأن امت يتبع صداك صداي بين الأقبر
الغزل التقليدي: وهو الغزل الذي ينظمه الشاعر في وصف المرأة أو الحنين إليها ، أو مـا يكون له معها من وصل وصد ورجاء ويأس ، وإن لم يبرح به هوى ، أو يستبد به حب. ويكثر فيه الوقوف على الاطلال وسمي بالتقليدي لأن فيه شيء من تقليد شعراء العصر الجاهلي.ومنهم جرير والفرزدق.
الغزل الحضري: وسمي كذلك لأنتشاره في حواضر الشام وزعيم هذا النوع عمر بن أبي ربيعة ويتميز بعدم الاكتفاء بحبيبة واحدة وحتى القصيدة الواحدة نرى شعراء هذا النوع يتغزلون بها في عدة نساء ويتجسد ذلك في قول عمر بن ابي ربيعة : سلام عليها ما أحبت سلامنا...فإن كرهته فالسلام على أخرى ويصور شغل ثلاث أخواتٍ به ، فيقول : قالت الكبرى أتعرفن الفتى قالت الوسطى نعم هذا عمر قالت الصغرى وقد تيمتها قد عرفناه وهل يخفى القمر وسمي كذلك لأنتشاره في حواضر الشام وزعيم هذا النوع عمر بن أبي ربيعة ويتميز بعدم الاكتفاء بحبيبة واحدة وحتى القصيدة الواحدة نرى شعراء هذا النوع يتغزلون بها في عدة نساء ويتجسد ذلك في قول عمر بن ابي ربيعة : سلام عليها ما أحبت سلامنا...فإن كرهته فالسلام على أخرى ويصور شغل ثلاث أخواتٍ به ، فيقول : قالت الكبرى أتعرفن الفتى قالت الوسطى نعم هذا عمر قالت الصغرى وقد تيمتها قد عرفناه وهل يخفى القمر
الغزل فى العصر الأموي : بعض الشعراء الذين أبدعوا فى الغزل فى هذا العصر: قيس بن الملوّح : عرف هذا الشاعر بلقب مجنون ليلى، وهو أحد القيسين، عاش قيس بن الملوح بين العامين الرابع والعشرين، والثامن والستين من الهجرة، يعتبر ابن الملوح أحد أبرز شعراء العصر الأموي، وأحد أبرز الشعراء العرب على الإطلاق، لقب قيس بن الملوح بهذا اللقب بسبب حبه لليلى العامرية التي تعتبر أيضاً شاعرة عربية خالدة. فقد نشأ مع ليلى في بيئة واحدة، وترعرعا معاً حتّى كبرا، فتحابّا. لكنّ ليلى أجبرت على الزواج من غيره، فلم يتحمّل قيس وقع هذه الكارثة، ففقد صوابه. وروي أن أبا قيس ذهب به إلى الحج لكي يدعو الله أن يشفيه مما ألمّ به من حب ليلي، وقال له: تعلّق بأستار الكعبة وادعُ الله أن يشفيك من حبها، فذهب قيس وتعلق بأستار الكعبة وقال: " اللهم زدني لليلي حبًا وبها كلفًا ولا تنسني ذكرها أبدًا ".
الغزل فى العصر الأموي : بعض الشعراء الذين أبدعوا فى الغزل فى هذا العصر: وحكي أن قيس قد ذهب إلى ورد زوج ليلى في يوم شاتٍ شديد البرودة وكان جالسًا مع كبار قومه حيث أوقدوا النار للتدفئة، فأنشده قيس قائلاً: بربّك هل ضممت إليك ليلىقبيل الصبح أو قبلت فاها وهل رفّت عليك قرون ليلىرفيف الأقحوانة في نداها كأن قرنفلاً وسحيقَ مِسكوصوب الغانيات قد شملن فاها فقال له ورد: أما إذ حلّفتني فنعم. فقبض المجنون بكلتا يديه على النار ولم يتركها حتى سقط مغشيًا عليه. وحكي أن قيس قد ذهب إلى ورد زوج ليلى في يوم شاتٍ شديد البرودة وكان جالسًا مع كبار قومه حيث أوقدوا النار للتدفئة، فأنشده قيس قائلاً: بربّك هل ضممت إليك ليلىقبيل الصبح أو قبلت فاها وهل رفّت عليك قرون ليلىرفيف الأقحوانة في نداها كأن قرنفلاً وسحيقَ مِسكوصوب الغانيات قد شملن فاها فقال له ورد: أما إذ حلّفتني فنعم. فقبض المجنون بكلتا يديه على النار ولم يتركها حتى سقط مغشيًا عليه.
الغزل فى العصر الأموي : بعض الشعراء الذين أبدعوا فى الغزل فى هذا العصر: قيس بن ذريح : قيس بن ذريح الليثي الكناني والملقب بمجنون لبنى (625م - 680), أخو الحسين بن علي من الرضاع، وشاعر غزل عربي، من المتيمين، من أهل الحجاز. عاش في فترة خلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان في القرن الأول من الهجرة في بادية العرب. لم يكن قيس مجنوناً وإنما لقب بذلك لهيامه في حب لبنى التي نشأ معها وعشقها وتزوجها ثم طلقها لكونها لا تلد فهام على وجهه ينشد الأشعار ويأنس بالوحوش ويتغنى بحبه العذري، وتزوجت بعده فلما مرت فترة من الزمن ساءت حاله وهام مجدداً بعد أن رآها فخيرها زوجها بين أن تبقى معه أو أن يطلقها لترجع إلى قيس فاختارت الطلاق والرجوع إلى قيس بن ذريح غير أنها بعد الطلاق ماتت فمات على إثرها قيس بن ذريح. قيس بن ذريح : قيس بن ذريح الليثي الكناني والملقب بمجنون لبنى (625م - 680), أخو الحسين بن علي من الرضاع، وشاعر غزل عربي، من المتيمين، من أهل الحجاز. عاش في فترة خلافة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان في القرن الأول من الهجرة في بادية العرب. لم يكن قيس مجنوناً وإنما لقب بذلك لهيامه في حب لبنى التي نشأ معها وعشقها وتزوجها ثم طلقها لكونها لا تلد فهام على وجهه ينشد الأشعار ويأنس بالوحوش ويتغنى بحبه العذري، وتزوجت بعده فلما مرت فترة من الزمن ساءت حاله وهام مجدداً بعد أن رآها فخيرها زوجها بين أن تبقى معه أو أن يطلقها لترجع إلى قيس فاختارت الطلاق والرجوع إلى قيس بن ذريح غير أنها بعد الطلاق ماتت فمات على إثرها قيس بن ذريح.
الغزل فى العصر العباسي
الغزل فى العصر العباسي : يبدأ العصر العباسي بسقوط الدولة الأموية في الشام سنة 13هـ/749م، وينتهي بوقوع بغداد في قبضة التتار سنة 656 هـ/1258م. وإذا كانت دولة بني أمية عربية أعرابية، فإن الدولة العباسية قد استبحرت في الحضارة، وعمّت فيها مظاهر البذخ والترف. ونتج عن احتكاك العرب بغيرهم من الأجناس الكثير من التغيير في أنماط الحياة الاجتماعية، وفي أساليب المأكل والملبس وآداب السلوك. وأدت عمليات الزواج بغير العربيات إلى نشوء جيل مولّد جديد، يضم عددًا كبيرًا من الأدباء الذين ثاروا على الأدب القديم، ودعوا إلى التجديد في مضامينه وأساليبه. يبدأ العصر العباسي بسقوط الدولة الأموية في الشام سنة 13هـ/749م، وينتهي بوقوع بغداد في قبضة التتار سنة 656 هـ/1258م. وإذا كانت دولة بني أمية عربية أعرابية، فإن الدولة العباسية قد استبحرت في الحضارة، وعمّت فيها مظاهر البذخ والترف. ونتج عن احتكاك العرب بغيرهم من الأجناس الكثير من التغيير في أنماط الحياة الاجتماعية، وفي أساليب المأكل والملبس وآداب السلوك. وأدت عمليات الزواج بغير العربيات إلى نشوء جيل مولّد جديد، يضم عددًا كبيرًا من الأدباء الذين ثاروا على الأدب القديم، ودعوا إلى التجديد في مضامينه وأساليبه.
الغزل فى العصر العباسي : وأدت كثرة الجواري في بيوت الخلفاء والأمراء ومراتع اللهو إلى حالة من الفساد الخلقي. وعرف الشعر في هذا العصر فنونًا وأغراضًا لم يألفها الشعر العربي من قبل، كالغزل بالمذكر، والميل إلى الأوصاف الحضرية، والعزوف عن العصبية والبداوة. وزالت من كثير منه آثار التقليد والاحترام للأقدمين، وحلّ مكانها النفور من أشكال حياتهم وأغراضهم، واختفى منه التستر والكناية، وظهر فيه التصريح وقلّة الاكتراث. واستخدمت فيه الأوزان القصيرة، ونظمت المقطعات، وطرقت القوافي المهجورة. وأدت كثرة الجواري في بيوت الخلفاء والأمراء ومراتع اللهو إلى حالة من الفساد الخلقي. وعرف الشعر في هذا العصر فنونًا وأغراضًا لم يألفها الشعر العربي من قبل، كالغزل بالمذكر، والميل إلى الأوصاف الحضرية، والعزوف عن العصبية والبداوة. وزالت من كثير منه آثار التقليد والاحترام للأقدمين، وحلّ مكانها النفور من أشكال حياتهم وأغراضهم، واختفى منه التستر والكناية، وظهر فيه التصريح وقلّة الاكتراث. واستخدمت فيه الأوزان القصيرة، ونظمت المقطعات، وطرقت القوافي المهجورة.
الغزل فى العصر العباسي : وظل تيار الغزل مزدهرًا في هذا العصر، حتى ليخيل إلينا أن كل من غرّد بالشعر قد نظم فيه. وظلت اتجاهاته العفيفة التي سادت في العصر الأموي تحتل القسم الأكبر من نتاج شعرائه. وسار الغزل العفيف بمحاذاة الغزل الإباحي الماجن، وكان شعراؤه وفي طليعتهم العباس بن الأحنف (ت 192هـ/808م) يستمدون من غزل العذريين في العصر الأموي الكثير من المعاني والألفاظ، فإذا هم يستعذبون نار هواهم المحرقة، ويتلذذون بما يسببه لهم من شقاء وحرمان، وإذا أشعارهم تغصّ بأحاديث العذاب والسهر والفراق واللوعة والتضرع واحتمال الأهوال. ومما تميز به غزل العصر العباسي قلة القصائد الطويلة، وكثرة المقطوعات التي كانت تفوق المطولات الغزلية متانة، وصدق عاطفة وجمال تعبير. وظل تيار الغزل مزدهرًا في هذا العصر، حتى ليخيل إلينا أن كل من غرّد بالشعر قد نظم فيه. وظلت اتجاهاته العفيفة التي سادت في العصر الأموي تحتل القسم الأكبر من نتاج شعرائه. وسار الغزل العفيف بمحاذاة الغزل الإباحي الماجن، وكان شعراؤه وفي طليعتهم العباس بن الأحنف (ت 192هـ/808م) يستمدون من غزل العذريين في العصر الأموي الكثير من المعاني والألفاظ، فإذا هم يستعذبون نار هواهم المحرقة، ويتلذذون بما يسببه لهم من شقاء وحرمان، وإذا أشعارهم تغصّ بأحاديث العذاب والسهر والفراق واللوعة والتضرع واحتمال الأهوال. ومما تميز به غزل العصر العباسي قلة القصائد الطويلة، وكثرة المقطوعات التي كانت تفوق المطولات الغزلية متانة، وصدق عاطفة وجمال تعبير.
الغزل فى العصر العباسي : بعض الشعراء الذين أبدعوا فى الغزل فى هذا العصر: العباس ابن الأحنف : أبو الفضل العباس بن الأحنف الحنفي اليمامي النجدي, شاعر عربي عباسي و شاعر غَزِل رقيق، قال فيه البحتري:" أغزل الناس" ، أصله من اليمامة بنجد، وكان أهله في البصرة وبها مات أبوه ونشأ ببغداد وتوفي بها، وقيل بالبصرة. خالف الشعراء في طرقهم فلم يمدح ولم يَهجُ بل كان شعره كله غزلاً وتشبيباً. أحب فتاة سماها فوز لأنها كانت كثيرة الفوز بالسباقات والمنافسات لكي لا يصرح باسمها الحقيقي. أَزَينَ نِساءِ العالَمينَ أَجيبي... دُعاءَ مَشوقٍ بِالعِراقِ غَريبِ كَتَبتُ كِتابي ما أُقيمُ حُروفَهُ.. لِشِدَّةِ إِعوالي وَطولِ نَحيبي أَخُطُّ وَأَمحو ما خَطَطتُ بِعَبرَةٍ... تَسُحُّ عَلى القرطاسِ سَحَّ غُروبِ أَيا فَوزُ لَو أَبصَرتِني ما عَرَفتِني... لِطولِ شُجوني بَعدَكُم وَشُحوبي وَأَنتِ مِنَ الدُنيا نَصيبي فَإِن أَمُت... فَلَيتَكِ مِن حورِ الجِنانِ نَصيبي سَأَحفَظُ ما قَد كانَ بَيني وَبَينَكُم... وَأَرعاكُمُ في مَشهَدي وَمَغيبي وَكُنتُم تَزينونَ العِراقَ فَشانَهُ... تَرَحُّلُكُم عَنهُ وَذاكَ مُذيبي وَكُنتُم وَكُنّا في جِوارٍ بِغِبطَةٍ... نُخالِسُ لَحظَ العَينِ كُلَ رَقيبِ فَإِن يَكُ حالَ الناسُ بَيني وَبَينَكُم... فَإِنَّ الهَوى وَالودَّ غَيرُ مَشوبِ فَلا ضَحِكَ الواشونَ يا فَوزُ بَعدَكُم... وَلا جَمَدَت عَينٌ جَرَت بِسُكوبِ
تعابيره : إن الغزل العذري، منذ نشأته عبّر عن وجدانية الشّاعر وعواطفه الجيّاشة الصّادقة تجاه معشوقته. فهو، يعبّر عن أعمق المشاعر التي سعى إلى سبْر أغوارها وكشْف مكنوناتها، والتي هي التّعبير عن الحبّ والعشق المتين الذّي لا يتزعزع أمام عثرات الزمن، فقد قال قيس، بعد أن حاول شفاء روحه من سقم الحبّ الذي ألمّ به جرّاء تعلّقه بليلى، وهو يخاطب روحه، ويحاور ذاته، ويناجي قلبه : أَمَا عَاهَدْتـَنِي يا قَلبُ أَنِّي إذا ما تُبْتُ عن ليلى تَتُوبُ فَهَا أنا تائِبٌ عن حُبِّ ليلىفمَا لك كُلّمَا ذُكِرَتْ تَذُوبُ
تعابيره : والغزل العذري، كان وما يزال، يعبّر عن مرارة السهر والأرق، وعن مشاعر الألم والمعاناة لدى الشّاعر، وذلك يعود إلى فراقه عن معشوقته والبعد عنها جرّاء عوامل قصريّة. فقد قال قيس "مجنون ليلى": أظلُّ رَزِيحَ العقلِ ما أُطْعَمُ الكرىوللقلبِ مِنّي أنـّةٌ وخُفُـوقُ وتبرز الوجدانية في أشعار الغزل العذري، حين يواجه الشاعر قيس بن الملوح، قَدَرَهُ المحتوم بحب ليلى، ويعبر عما يجيش في داخله، من حرقة وحسرة، وهمٍّ وغمٍّ، وذلك حين قضى الله بأن تكون من نصيب غيره، وترك له النواء والبكاء، والشكوى والبلوى. ولا سلوى له غير الشعر حين ينشد: والغزل العذري، كان وما يزال، يعبّر عن مرارة السهر والأرق، وعن مشاعر الألم والمعاناة لدى الشّاعر، وذلك يعود إلى فراقه عن معشوقته والبعد عنها جرّاء عوامل قصريّة. فقد قال قيس "مجنون ليلى": أظلُّ رَزِيحَ العقلِ ما أُطْعَمُ الكرىوللقلبِ مِنّي أنـّةٌ وخُفُـوقُ وتبرز الوجدانية في أشعار الغزل العذري، حين يواجه الشاعر قيس بن الملوح، قَدَرَهُ المحتوم بحب ليلى، ويعبر عما يجيش في داخله، من حرقة وحسرة، وهمٍّ وغمٍّ، وذلك حين قضى الله بأن تكون من نصيب غيره، وترك له النواء والبكاء، والشكوى والبلوى. ولا سلوى له غير الشعر حين ينشد:
تعابيره : قضى اللهُ في ليلى ولا مَا قضى لِيَا قضَاهَا لِغيري وابتلاني بِحُبِّهافهلا بشـيءٍ غير ليـلى ابتلانيا وهكذا كانت المواقف الوجدانية عند شعراء الغزل العذري عطورًا زكية سحرت قلوبهم. فكان الشعر الغزلي، أداتهم للتعبير عما يجول في فضاء نفوسهم من مشاعر لُوِّنَتْ بألوان الفرح والمناجاة والعتاب والحزن والتشاؤم. قضى اللهُ في ليلى ولا مَا قضى لِيَا قضَاهَا لِغيري وابتلاني بِحُبِّهافهلا بشـيءٍ غير ليـلى ابتلانيا وهكذا كانت المواقف الوجدانية عند شعراء الغزل العذري عطورًا زكية سحرت قلوبهم. فكان الشعر الغزلي، أداتهم للتعبير عما يجول في فضاء نفوسهم من مشاعر لُوِّنَتْ بألوان الفرح والمناجاة والعتاب والحزن والتشاؤم. خليـليَّ لا واللهِ لا أملكُ الذي
أشهر شعراء الغزل العذري : جميل بن معمر: عُرِف أيضًا بجميل بثينة. لقد عشق بثينة، وهام بها، وتقدّم للزواج منها، لكنّه رُفِضَ كي لا يبدو أن هذا الزواج هو ستْرٌ لعار بثينة. فأُجبرت على الزواج من غيره، لكنّ هذا لم يمنعه من ملاقاتها. عنترة بن شداد: أحد أبطال العرب وشعرائهم المشهورين. كانت أمه حبشية, فسرى إليه السواد منها.كان من أحسن العرب شيمة وأعزهم نفسا. يوصف بالحلم على شدة بطشه.أحب عبلى ابنة عمه,ولاقى في سبيلها ضروبا من المرارة والعذاب, بسبب لونه, وعدم تمتعه بحريته في بداية حياته,ولأسباب عائلية اجتماعية.قال في حبها قصائد غزلية خالدة. جميل بن معمر: عُرِف أيضًا بجميل بثينة. لقد عشق بثينة، وهام بها، وتقدّم للزواج منها، لكنّه رُفِضَ كي لا يبدو أن هذا الزواج هو ستْرٌ لعار بثينة. فأُجبرت على الزواج من غيره، لكنّ هذا لم يمنعه من ملاقاتها. عنترة بن شداد: أحد أبطال العرب وشعرائهم المشهورين. كانت أمه حبشية, فسرى إليه السواد منها.كان من أحسن العرب شيمة وأعزهم نفسا. يوصف بالحلم على شدة بطشه.أحب عبلى ابنة عمه,ولاقى في سبيلها ضروبا من المرارة والعذاب, بسبب لونه, وعدم تمتعه بحريته في بداية حياته,ولأسباب عائلية اجتماعية.قال في حبها قصائد غزلية خالدة.
أشهر أبيات الغزل العذري : من أبيات شعراء الغزل العذري :
قول الشاعر جميل بن معمر : تعلّق روحي روحها قبل خلقناومن بعد ما كنا نطافا وفي المهد فزاد كما زدنا فأصبح نامياوليس إذا متنا بمنتقض العهد ولكنه باقٍ علـى كلّ حادثوزائرنا فـي ظلمة القبر واللحد تعلّق روحي روحها قبل خلقناومن بعد ما كنا نطافا وفي المهد فزاد كما زدنا فأصبح نامياوليس إذا متنا بمنتقض العهد ولكنه باقٍ علـى كلّ حادثوزائرنا فـي ظلمة القبر واللحد
وقد حظي الشعر الغزلي العذري على مر الأزمنة بجمهور عظيم، ولقي إقبالاً كبيرًا من قِبَل الشعراء والمستمعين، لعفّته وطهارته وإيقاعه العذب على مسامع الآذان. لذلك، دام هذا النوع من الشعر وحافظ على شعبيّته مع تواتر السنين و العقود، لدرجة أنه ما زال شائعًا ليومنا هذا. حتى أن بعض الشعراء قد تخصصوا في كتابة الشعر الغزلي، لقدر ما يوحي بأحاسيس الشّاعر ويعبّر عنها بطريقةٍ لبقة ومحبّبة لدى القرّاء والجماهير.