جمع وترتيب: ذ. معاذ أبومليك مـــــحبة الرســـــــــول : ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران:٣١] .... جمع وترتيب: ذ. معاذ أبومليك
إن الله ما بعث من نبيّ إلا كان حقًا عليه أن يُدلَّ أمّته على خير ما يعلمه لهم، وينهاهم عن شرّ ما يعلمه لهم، وحقًّا إنّ محمّدًا دلَّنا على كلّ سبيل يقرِّبنا إلى الله، بيَّنه لنا، وأمرنا بسلوكه، وحذّرنا من كلّ طريق يُبعدنا عن الله، وبيَّنه لنا، ونهانا عن ذلك. إنّه بلّغ رسالات ربّه كما أمره الله: ( يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ) [المائدة:67]، تقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنهما-: "من حدّثكم أنّ رسول الله كتَم شيئًا ممّا أنزل الله فقد افترى على الله الكذب"، وقد زكَّاه الله بقوله: ( ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلاَمَ دِينًا) [المائدة:3]، فلا خيرَ من أمر الدّنيا والآخرة إلا بيّنه لنا بيانًا واضحًا، ولا شرَّ إلا حذّرنا منه، فصلوات الله وسلامه عليه أبدًا دائمًا إلى يوم الدين.
فالموفَّق، من عرض أقواله وأعمالَه على سنّة محمّد، فما وافقها عمِل به، وما خالفها كان بعيدًا عنه. هكذا الإيمان الصادق والشهادة الصادقة بأنّ محمّدا عبد الله ورسوله. هكذا الإيمان الصادق الاتباعُ والاقتداء وعدم الابتداع وعدمُ الخروج عن منهجه القويم، صلوات الله وسلامه عليه أبدًا دائمًا إلى يوم الدين.
ان العبادات توقيفية وليس لاحد ان يشرع فيها , ولا منها الا ما شرعه الله ورسوله , قال الله تعالى : (( ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله )) وقواعد الشريعة ومقاصد الدين , فمن القواعد المقررة في الشريعة ( رد ما تنازع الناس فيه الى الكتاب والسنة)
قال رسول الله : ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا و أمرتكم به هناك احتفال بالمولد النبوي مشروع فما هو يا ترى ؟ كان موجودا في عهد الرسول و هو السنة, ثم أبدله الناس بما يعرف الان,
يروي الإمام مسلم في صحيحه عن قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: ما تقول في صوم يوم الإثنين ؟ قال: ذاك يوم ولدت فيه و أنزل علي القران فيه أي ينبغي أن تصوموا فيه شكرا لله عز وجل أن ولدت فيه ... وأن ولدت فيه من جديد حين أنزل علي فيه الوحي (الألباني)
الاحتفال المشروع عبادة اتفق عليها المسلمون جميعا الإحتفال غير المشروع تنازع المسلمون حوله الاحتفال المشروع يتكرر مرة في كل أسبوع
إنّ هناك حديثين هما ميزان الأعمال الظاهرة والباطنة: "إنّما الأعمال بالنيات، وإنّما لكلّ امرئ ما نوى"، هذا ميزان للأعمال الباطنة، فلا يقبل الله عملَ عاملٍ إلا أن يكون مخلِصًا في عمله، وهناك الميزان الظاهر للأعمال، يقول : " من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردّ"، وفي بعض الألفاظ: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ".
إنّ بعضَ الناس يرى أنّ مَن لم يقِم احتفالا بليلة المولد أنّه عنوان الجفاء لرسول الله، وعنوان عدم المحبّة لرسول الله، وهذا من التصوُّر الخاطئ، بل الذين لم يحتفِلوا ولم يقيموا وزنًا لذلك هم متّبعون لسنّته، ولو علموا دليلا من سنّته أو هدي خلفائِه الراشدين والقرون المفضّلة لكانوا أسعدَ الناس بالعمل بذلك.
لا يجوز التقرب إلى الله بعبادة لم يشرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا مستفاد من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن البدع ، والبدعة هي التقرب إلى الله تعالى بما لم يشرعه ، ولهذا قال حذيفة رضي الله عنه : (كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها) .
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ )) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ )) ، وفي رواية : (( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ )) . وحديث عائشة هذا قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام ، وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات .
إنه مع وضح كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وجلائه في أن كل بدعة ضلالة إلا أنه مع ذلك يوجد من يقول إن هناك بدع حسنة !! وكلامه مردود بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (( وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ )) ، ومن زعم أن في البدع شيئاً حسناً فإنما هو في الحقيقة يستدرك على الشريعة ، وقد أجاد الإمام مالك في الرد على مثل هذا القول بقوله : " من ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة لأن الله يقول : ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [المائدة:٣] فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم دينا " .
إنَّ كثيراً ممن يقيمون هذه الموالد يرون أن ذلك من تمام محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وتوقيره ؛ وهذا ليس بصحيح ، إذ أن محبته صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وتوقيره لا تكون بمخالفة هديه صلى الله عليه وسلم والابتداع في الدين الذي قد أكمله الله له ولأمته ، وإنما تكون محبته وتوقيره وتعظيمه بلزوم طاعته ، واتباع أمره ، والأخذ بهديه ، والعض على سنته بالنواجذ ، وإحيائها بالقول والفعل ، واجتناب سائر المحدثات التي حذَّر منها وأخبر أنها شر وضلالة وأنها في النار ، قال صلى الله عليه وسلم (( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ )) . وهذه الطريقة هي التي كان عليها السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ، جعلنا الله وإياكم منهم وحشرنا في زمرتهم .
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : (( من كان مستناً فليستنَّ بمن قد مات ، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، كانوا خير هذه الأمة ، أبرَّها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً ، قوماً اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونقْل دينه ؛ فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم ، فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على الهدى المستقيم ، واللهِ ورب الكعبة )) . وقال ابن مسعود رضي الله عنه : (( عليكم بالهدي الأول )) ، وقال : (( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفيتم ، وكل بدعة ضلالة )) .
هؤلاء هم الصحابة الذين قال الله فيهم : ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آل عمران:110] ، وقال فيهم رسوله صلى الله عليه وسلم ((خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي)) ما أقاموا هذا المولد ولا فعلوه ولا فعله تابعوهم بإحسان ؛ وهم أشد الناس محبة للرسول صلى الله عليه وسلم وأحرصهم على تطبيق سنته وأبعدهم عن البدع والمنكرات .
إن القصد الحسن لابد فيه أن يكون مطابقاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، يدل على ذلك : أن أحد الصحابة رضي الله عنهم ذبح أضحيته قبل صلاة العيد رغبة منه في أن يأكل الرسول صلى الله عليه وسلم من لحمها بعد فراغه من الصلاة ، ولما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك قال له : (( شاتك شاة لحم )) أي أنها لم تقع أضحية لأنها ذبحت في غير وقت الذبح وذلك مخالف للسنة ، فلم يشفع له حسن قصده لمـَّا كان فِعله غير مطابق للسنة .
ولما دخل ابن مسعود رضي الله عنه في المسجد ورأى فيه قوماً حِلَقاً جلوساً ينتظرون الصلاة في كل حلقة رجل يقول كبِّروا مئة فيكبرون ، فيقول هلِّلوا مئة فيهلِّلون ، فيقول سبِّحوا مئة فيسبِّحون ، فقال لهم ابن مسعود رضي الله عنه : ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا يا أبا عبد الرحمن حصى نعدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح ، قال : " فعدُّوا سيئاتكم ، ويحكم يا أمة محمد إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو مفتتحوا باب ضلالة " قالوا : والله ما أردنا إلا الخير ، قال : " وكم من مريد للخير لن يصيبه "
: قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ) [رواه الطبراني والدارمي بإسناد صحيح]. وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنه: ( كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة ) [أخرجه الدارمي بإسناد صحيح]. وقد أنكر ابن مسعود على قوم جالسين في المسجد ومع كل واحد منهم حصاً وبينهم رجل يقول: كبروا مائة، فيكبرون، فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة، سبحوا مائة، فيسبحون مائة، وقال: ( والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة أهدى من ملة محمد أو مفتتحو باب ضلالة )، قالوا: ما أردنا إلا الخير فقال: ( وكم من مريد للخير لن يصيبه ) [أخرجه الدارمي وأبو نعيم بإسناد صحيح].
يقول عبدالله ابن مسعود رضى الله عنه : ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم يقول عبدالله ابن مسعود رضى الله عنه : ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم .) ويقول ابن عباس رضى الله عنهما : ما اتى على الناس عام الا واحدثوا فيه بدعة , واماتوا فيه سنة , حتى تحي البدع وتموت السنن .) وعن حذيفة رضى الله عنه قال : ( كل بدعة ضلا لة وان رأى الناس حسنة وعن عمر ابن عبد العزيز رحمه الله قال : ( سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الامر بعده سنن , من عمل بها فهو مهتد , ومن استنصر بها فهوا منصور , ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين , ووله الله ما تولى واصله جهنم وساءت مصيرا .) قال الامام مالك رحمه الله : (لن يصلح اخر هذه الامة الا بما صلح به اولها .) وقال بعض السلف : الطرق كلها مسدودة على الخلق الا من اقتفى اثر الرسول عليه الصلاة والسلام
إمام دار الهجرة مالك رحمه الله: ( من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة لأن الله يقول: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً [المائدة:3] فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً ). وقال الإمام الشافعي رحمه الله: ( من استحسن فقد شرع ) وقال الإمام أحمد رحمه الله: ( أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله والاقتداء بهم وترك البدعة وكل بدعة ضلالة ).
"وأما "البِدَع" : فهو جمع بدعة ، وهي كل شيء ليس له مثال تقدّم ، فيشمل لغةً ما يُحْمد ، ويذمّ ، ويختص في عُرفِ أهل الشرع بما يُذمّ ، وإن وردت في المحمود : فعلى معناها اللغوي" انتهى . " فتح الباري " ( 13 / 340 ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "وكذلك ما يُحدثه بعض الناس ، إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام ، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وتعظيماً له - والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد ، لا على البدع - من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيداً - مع اختلاف الناس في مولده - : فإن هذا لم يفعله السلف ، مع قيام المقتضي له ، وعدم المانع منه ، ولو كان هذا خيراً محضاً ، أو راجحاً : لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منَّا ؛ فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له منَّا ، وهم على الخير أحرص ، وإنما كمال محبته وتعظيمه : في متابعته ، وطاعته ، واتباع أمره ، وإحياء سنَّته ، باطناً ، وظاهراً ، ونشر ما بُعث به ، والجهاد على ذلك ، بالقلب ، واليد ، واللسان ؛ فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين ، من المهاجرين ، والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان" انتهى . " اقتضاء الصراط " ( ص 294 ، 295 ) .
"أول من أحدثها بالقاهرة : الخلفاء الفاطميون في القرن الرابع ، فابتدعوا ستة موالد : المولد النبوي ، ومولد الإمام علي رضي الله عنه ، ومولد فاطمة الزهراء رضي الله عنها ، ومولد الحسن والحسين رضي الله عنهما ، ومولد الخليفة الحاضر ، وبقيت الموالد على رسومها ، إلى أن أبطلها " الأفضل أمير الجيوش " ، ثم أعيدت في خلافة الآمر بأحكام الله في سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، بعدما كاد الناس ينسونها ، وأول من أحدث المولد النبوي بمدينة " إربل " : الملك المظفر أبو سعيد في القرن السابع ، وقد استمر العمل بالمولد إلى يومنا هذا ، وتوسع الناس فيها ، وابتدعوا كل ما تهواه أنفسهم ، وتوحيه شياطين الإنس والجن" انتهى . " الإبداع في مضار الابتداع " ( ص 251 ) .