د:إبراهيم الدسوقي عوض الله e_eldosoky@yahoo.com المعلم ومهنة التعليم د:إبراهيم الدسوقي عوض الله e_eldosoky@yahoo.com

ما المهنة ؟!

تمهيد تتضح جوانب مهنة التعليم في إطار خلفياتها ومراحل تطور مكوناتها. وتتضح أكثر بالتعرف على نظائرها من المهن الأخرى، خاصة تلك التي حققت التقدم وأصبحت نموذجا يحتذي به في العمل المهني ويسترشد به في تحقيق عملية التمهين. وتتضح مهنة التعليم أكثر فأكثر بتحليل مكوناتها، وتقصي عناصرها التي سارت في طريق التمهين وتمكنت من تذليل الصعاب لتنطلق في اتجاه التمهين. والفصل الحالي يتناول المهنة والتمهين فيرصد خصائص المهنة وتقسيماتها، ومراحل التمهين وشروطه. ويحدد أهداف التعليم من اجل المهنة، ويعرض مهنة الطب على أنها نموذج للمهن.

مفهوم التربية: مفهوم التنمية المهنية: يصعب علينا أن نقبل أن جميع الحرف Vocations تدخل في مضمار المهن Professions وذلك لصعوبة تحديد الإطار النظري الذي نفرق بواسطته بين المهن والحرف ومن هنا قليلا ما تعرف المهنة ويصعب على المرء أن يجد تعريفا جامعا مانعا لتعريف المهنة. ويرى "كير بلومر" أن المهنة ستخدم للتعبير عما تشير اليه أكثر مما يعنيه تعريفها الحرفي () على حين يعرف "جود" المهنة في قاموس التربية بانها "وظيفة تتطلب اعدادا طويلا ، نسبيا، ومتخصصا على مستوى التعليم العالي، يرتبط أعضاؤها بروابط أخلاقية محددة" على حين يرى اخرون أن المهنة تضمن الحرفة، فهي تتطلب توافر المهارة في الأداء وان كانت تختلف عنها في انها تستند أساسا على المهارة في اتخاذ القرار نحو تحديد أسلوب الأداء الأكثر ملاءمة.

خصائص المهنة تأثرت الدراسات التي تناولت تحليل خصائص المهنة باتجاهين يمثلان مدرستين مميزتين في تحليل سمات المهنة وحصر خصائصها التي تميزها عن غيرها من تجمعات المهن. ويمثل المدرسة الأولى "فلكسنر" التي تعتمد في تصنيف تلك السمات إلى مهنتي الطب والقانون للاستفادة منهما في التوصل إلى معايير لتمييز المهن الأخرى. أما المدرسة الثانية فتبنى مدخل العمليات "Processes" لدراسة المهنة، وتتزعمه مدرسة شيكاغو ويقوم على تتبع المراحل والعمليات التي تمر بها وظيفة معينة حتى تصل إلى مستوى المهنة ويحدد مايهيو" "Mayhew" و"فورد" أربع خواص ضرورية لأي مهنة وهي: اكتساب استقلال فكري يساعد الممارس للمهنة على الموضوعية في اتخاذ القرار، وتحديد ذاتي لمجموعة من القيم الخلقية التي توجه المهنة إلى خدمة المجتمع والحرص على التمسك بها، وتشكيل رابطة "تنظيم ذاتي" يمكن الممارس للمهنة من الشعور بالانتماء والاستمرار في ممارسة طرائق المهنة، وتحديد كيان معرفي نظري وتطبيقي وثيق الصلة بكل مهنة.

ويرى "فلكسنر" أن هناك ست سمات تميز المهنة عن غيرها من الأعمال هي: أن المهنة تجمع لمن يقومون على عمل ذهني وفكري يحمل مسئولية شخصية إلى حد كبير. أن المهنة تُعلَّم بدراسة تخصصية ولا تكتسب روتينيا . إن المهنة ممارسة وليست مجرد نظرية اكاديمية. أن هناك أساسا علميا للمهنة يحدد أساليب المهنة وكيفية اكتساب طرائقها. أن للمهنة تنظيما ذاتيا داخليا محكما. أن المهنة ذات دافع غيري يستهدف الخير والمصلحة العامة.

تقسيمات المهن : ينظر ريس Reiss لموضوع المهنة من منظور عالمنا الصناعي، ويقرر أن هناك خمسة انماط للمهن يمكن إيجازها يما يلي: مهن قديمة: Old established professions وهي مهن تأسست استنادا إلى فرع من فروع المعرفة مثل الطب مهن حديثة New Professions وهي مهن تستند إلى مجالات علمية حديثة، ومن أصحاب هذه المهن الكيميائيون والعلماء الاجتماعيون. أشباه المهن Semi-Profossions وهي أعمال تستند إلى تدريب مهني وتنظيم معرفي مثل التمريض، والتدريس ومجالات العمل الاجتماعي. أعمال تتطلع إلى أن تصبح مهنا Would-be profesions وهي أعمال مألوفة في مجال الأعمال الحديثة، ويميز هذه المجموعة من الأعمال أن العاملين بها يطمحون على تحقيق مكانة مهنية لأعمالهم، ومن هؤلاء – على سبيل المثال- مديرو شئون العاملين، ومديرو المبيعات مهن جانبية: Marginal Professions وهي أعمال تستند إلى مهارات حرفية مثل التقنيين والرسامين الميكانيكيين.

ملاحظات على التعريف: ويلاحظ من التنميط السابق للمهن أنه يستند في التمييز بين نمط وآخر – أو بين مهنة وأخرى- إلى المعرفة العلمية وتطبيقاتها، ولكن موقع عمل ما داخل هذا النمط أو يره قد يكون مثار جدل بالنسبة لعديد من الأعمال. أن فائدة تنميط "ريس" ليس في الأنماط المتصاعدة التي وضعها للمهن فقد يكون تنميطه هذا موضع جدل لا ينتهي، لكن القيمة الحقيقية ي دراسات "ريس" تكمن في الحراك المهني The Occupational Mobility خلال هذا التنميط المتصاعد للمهن، وفي النظر إلى المهنة على أنها عملية دينامية لا مفهوم ثابت كما نظر لها "فلكسنر". وتتجلى الفائدة الحقيقة لدراسات "ريس" في انها أثارت عدة تساؤلات حول عملية التحول في اتجاه التمهين Professionalization أو في الاتجاه المعاكس Deprofessionalization إذ أن مفهوم المهنية يشير إلى عملية دينامية ويؤكد أن المهنة ظاهرة اجتماعية. وهي كأي ظاهرة اجتماعية يمكن ملاحظتها ووصفها وتحليل عناصرها، وتبين العوامل المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تؤثر فيها وتعمل على نموها أو ذبولها.

التمهين ويعرف"فولمر" و"ميلز" التمهين Professionalization بأنه عملية دينامية يمكن من خلالها ملاحظة أهم خصائص عمل ما – أو وظيفة ما – وملامحه الرئيسية وهي تتحول وتتغير في اتجاه التمهين والمهنية مراحل التمهين أن عملية التحول إلى مهنة في رأي كثير من القياديين يمكن أن تتم في إطار مخطط متكامل على مراحل زمنية متدرجة تحقق التوازن بين قصر ممارسة المهنة على الممارسين الاكفاء وسد حاجة المجتمع إلى خدمات هذه المهنة.

ويرى "بروستين" أن الخطوات عملية التمهين هي : تأسيس رابطة مهنية Professional Association ثم يتبعها تحديد اسم العمل أو الوظيفة وتتمثل الخطوة الثالثة في نشر ميثاق أخلاقي يوضح الابعاد الاجتماعية لممارسة هذه الوظيفة وتأتي الخطوة الرابعة في استصدار تشريع يحدد بوضوح تام أبعاد وجوانب ممارسة هذه الوظيفة وضبط شروط القبول في برامج الأعداد والتدريب وشهاداته وشروط وإجراءات دخول المهنة

اما "ولنسكي" فقد أكد أن التمهين عمليةProcess يسهم فيها كل فرد من الأفراد المنتسبين إلى العمل الذي يتحرك في اتجاه التمهين وأن هذه العملية ليست وظيفة مجموعة محددة ولكي يصبح الفرد في عمل ما – أو وظيفة ما – مهنيا عليه أن يسعى لتحقيق سيطرته العملية على فرع من فروع العلم حتى يقدم للمتعاملين معه خدمة رفيعة ولكي يحقق المهني ذلك عليه أن يستمر في طلب العلم بعد تخرجه، ويرى "عبد المعطي وزملاؤه" أن أي تنظيم مهني يكتسب احترام المجتمع بمدى تفانيه في السعي لتطوير الأساس العلمي للمهن والعاملين بها وتركيز نشاطه وأولوياته في السعي للتعاون مع كل الجهات المهنية لتحقيق هذه الأهداف.

شروط التمهين البدء بالتفرغ لهذا العمل. تأسيس مدرسة للتدريب على أن تتكامل أعمالها فيما بعد مع الجامعات. تأسيس رابطة مهنية بقصد تحقيق ما يلي: وعي ذاتي يحدد الأعمال الرئيسية للوظيفة. منظور عالمي – غير محلي – لممارسة هذا العمل. منافسة مع الوظائف أو الأعمال القريبة منها بقصد إرساء الكفاءات التي تخص هذا العمل. مساندة معقولة لحماية حدود الوظيفة ونشر دستور أخلاقي يوضح التزامات الممارسين لهذه المهنة. نشر قواعد وأسس رسمية تبعد غير المؤهلين وتقليل المنافسة الداخلية وتعمل على طمأنة الممارسين أن المهنة سوف تخدم حاجاتهم.

التعليم من أجل المهنة ازدادت أهمية التعليم من أجل المهنة مع تزايد تحرك كثير من الحرف والأعمال والوظائف في اتجاه التمهين عن طريق تحصيل المعرفة النظرية الشاملة والمهارات العملية التي تزيد من قدرة الطلاب الأكاديمية والمهنية قبل التحاقهم بالمهنة.ولذلك أصبح مقبولا بصفة عامة وإن لم يكن معلنا ، أن معيار الاتجاه نحو المهنية يتمثل في كيفية الإعداد للمهنة وبخاصة في الانقسام والصراع الضمني بين النظرية والتطبيق في معظم المهن ويرى "هيوز" أن مؤسسات الإعداد للمهنة متهمة بأنها أكثر أكاديمية وأن الأكاديميين يتهمون الممارسين بفشلهم في أن يكونوا مفكرين بدرجة كافية ويعتقد فريدمان أن المهن "تحتاج إلى المخططين الناجحين الذين لديهم المهارة في إدارة العلاقات الشخصية بطريقة تظهر معرفة الذات، والقدرة على التعلم، والقدرة على التعاطف، والقدرة على التعايش، مع الصراع.

ولأهمية الدور الذي يلعبه التعليم من أجل المهنة في التحرك تجاه التمهين والمهنية نناقش فيما يلي ثلاثة مؤشرات رئيسة على علاقة وثيقة بالتعليم من أجل المهنة وهي: الجامعات والإعداد للمهن، أهداف التعليم من اجل المهنة، بعض المشكلات التي تواجه الإعداد للمهنة.

- ما الفرق بين المهنة والحرفة؟ - ما خصائص المهن؟ - كيف قسم رايس المهن وما رأيك؟

أشكر لكم حسن الإنصات